منح البرنامج “طابعا ترامبيا”
وتقول مستشارة الذكاء الاصطناعي المعتمدة من أكسفورد، هيلدا معلوف، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه منذ لحظة عودته إلى البيت الأبيض، أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات جذرية في السياسات الاقتصادية الأميركية، خصوصاً فيما يتعلق بالتصنيع المحلي والاستقلال التكنولوجي، مشيرة إلى أن ترامب لا يرفض قانون “الرقائق والعلوم” بالمطلق، بل يريد إعادة توجيه القانون بحسب فلسفته، التي تركز على الصفقات لا الاستراتيجيات التقليدية، والدليل على ذلك هو أن ترامب، وبعد شهر من دعوته لإلغاء قانون الرقائق، وقّع أمراً تنفيذياً بإنشاء مكتب جديد لإدارة أموال قانون “الرقائق والعلوم”، مهمته التفاوض على “صفقات أفضل” من تلك التي قامت بها إدارة بايدن.
وشددت معلوف على أن هذا التحول في موقف الرئيس ترامب لا يمكن فهمه كتناقض، بل كمناورة ذكية تهدف إلى تحويل قانون “الرقائق والعلوم” من مبادرة قام بها خصومه السياسيون إلى مشروع يحمل بصمته الخاصة. فترامب يدرك أهمية القانون في دعم مكانة الولايات المتحدة التكنولوجية، لكنه في الوقت نفسه يسعى لتسجيل نصر سياسي من خلال إعادة هيكلة البرنامج ومنحه طابعاً “ترامبياً”، يعكس تشدده في الرقابة على الإنفاق، وتحقيق مكاسب تفاوضية أعلى مع الشركات المستفيدة.
وبحسب معلوف، فإن صناعة أشباه الموصلات ليست مجرد قطاع اقتصادي حيوي، بل هي خط الدفاع الأول في الصراع العالمي على الزعامة التكنولوجية، لا سيما بين الولايات المتحدة والصين، فالرقائق باتت تتحكم في كل منتج تقريباً، من الهواتف الذكية والحواسيب، إلى السيارات الكهربائية والطائرات، وحتى أنظمة الأسلحة الدقيقة. ولذلك، فإن ترامب يدرك أن التخلي عن برنامج بحجم “الرقائق والعلوم” سيكون بمثابة تسليم سلاح استراتيجي للخصم، خصوصاً مع تسارع وتيرة استثمارات الصين في هذا القطاع، ومحاولاتها الاستقلال عن التكنولوجيا الغربية.
واعتبرت معلوف أن مراجعة قانون الرقائق قد تثمر ولادة صفقات محسّنة، إلا أن تبديل قواعد اللعبة بعد كل دورة رئاسية في أميركا يطرح تساؤلات خطيرة حول استقرار المناخ الاستثماري في البلاد، حيث إن شركات كبرى تعهدت بمشاريع بمليارات الدولارات، بناءً على وعود إدارة بايدن، ولذلك فإن أي تعديل مفاجئ قد يدفع تلك الشركات إلى التفكير في أسواق أكثر استقراراً مثل أوروبا أو كوريا الجنوبية، وهنا تكمن المعضلة بالنسبة لترامب، إذ يجب عليه أن يفرض شروطاً جديدة دون أن يفقد ثقة المستثمرين.